مهدي مالك : “أكتب رغم مساري كانسان معاق لا أتكلم و لا أمشي”..

نظمت مجلة نبض المجتمع بتعاون مع جماعة أكادير لقاء ثقافيا بمناسبة رمضانيات جماعة أكادير يوم السبت ليلا 23 مارس 2024 حول الكتاب الجديد للكاتب مهدي مالك ، من ذوي الإعاقة الجسدية، ” الأمازيغية والإسلام وايديولوجية الظهير القامعة لهما”. حضر اللقاء المهدي مالك وجمهور من أفراد أسرته وأصدقائها وأصدقاء مجلة نبض المجتمع ونشط فقراته مدير المجلة الحسن باكريم.

الكتاب يضم 32 مقالة في 200 صفحة من طبع ونشر مؤسسة افريقيا الشرق، من اصدارات سنة 2023  بمناسبة المعرض الدولي للكتاب والنشر، الذي قدم فيه الكتاب بحضور كاتبه مهدي مالك.

يطرح  الكتاب من خلال  عدد المقالات المذكورة  عدة اشكالات مرتبطة بالأمازيغية والإسلام وظهير الأعراف الأمازيغية الذي سماه المعادون للأمازيغية بالظهير “البربري”، وكتب المهدي مالك، الذي يكتب بواحد من أصابع يده فقط،  تفاصيل حول قضايا  يلخصها عنوان الكتاب، ووقف عند خلاصات تتعلق أساسا بضرورة انصاف الأمازيغية وتأهيل الحقل الديني بتمزيغ الإسلام وابعاده عن التيارات السلفية واقرار العلمانية التي تحسدها الثقافة ااأمازيغية واستبعاد الظهير المسمى بالبربري من ذاكرة وتاريخ المغاربة لانه أكذوبة سياسية تمت صناعتها لمعاداة الأمازيغية وعرقلة مسارها في موطنها المغرب.

قدم تفاصيل وقراءة في الكتاب الحسن باكريم مدير مجلة نبض المجتمع معززة بشهادات عدد من المتدخلين من الحاضرين ، كما عرضت نسخ من الكتاب بقاعة العروض بالمركب الثقافي محمد خير الدين من طرف مكتبة المكار.

وكتب المهدي مالك كلمة، قرأها أخوه ياسين أمام الحضور عنونها ب “موجز لأهم محطات مساري كانسان معاق في هذه الحياة لا أتكلم و لا امشي” :

“الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسولنا الاكرم الذي ارسله الله تعالى رحمة للعالمين…

اما بعد فانني احيي هذه المبادرة الكريمة التي قامت بها مجلة نبض المجتمع و بلدية اكادير مشكورة لفائدة هذا العبد الضعيف لله .

بداية اريد ان اشكر الوالدين الكريمين الذين تعذبوا من اجلي طيلة 41 سنة من عمري المتواضع لان ليس من السهل ان يكون معاق عاجز على المشي و النطق و الاكل و الشرب لوحده عندك في البيت بمعنى غفر الله لي من حق الوالدين و خصوصا امي الغالية التي هي نموذج للصبر و التضحية و كذا ابي الغالي .

و اشكر اشقائي الدكتورة مريم مالك و اخي ياسين مالك الموقر وكافة افراد عائلتنا الكبيرة و زوجتي الفاضلة و اولادي تيليلا و ماسين و ايناس و اشكر من ساهم بكثير او بقليل في هذا المسار المتواضع منذ الولادة الى الان …..

انني ساركز على اهم محطات مساري المتواضع باختصار شديد نظرا لضيق الوقت و بحكم انه صدر لي في ابريل 2012 اول كتاب عن سيرتي الذاتية تحت عنوان صوت المعاق بفضل مجلة ادليس و ابي العزيز.

لقد ولدت في يوم 28 مارس 1983 بمدينة الدار البيضاء حيث ظل الوالدين يبحثون عن الحل لمشكلتي بشتى الطرق من زيارة الأطباء في الدار البيضاء و زيارة مركز متخصص بالرباط و زيارة سيدة متخصصة بالترويض الطبي بالدار البيضاء حيث لم استطيع الجلوس الا في عمر عشر سنوات بفضل الترويض الطبي الخ من هذه التفاصيل الطويلة .

وانتقلنا للعيش في مدينة اكادير في يونيو 1992 حيث بدات الذهاب الى الترويض الطبي في مستشفى الحسن الثاني مع الوالدة سنة 1994 و الى تقويم النطق عند المتخصص وقتها …

وفي ماي 1995 تأسست جمعية اباء و أصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيا بسوس حيث كان ابي العزيز من بين المؤسسين لهذا الاطار الجمعوي وكان من بين أهدافه الأولى ادا كانت ذاكرتي قوية هي مساعدة الاسر الفقيرة التي تتوفر على طفل معاق لان الإعاقة و الفقر لا يجتمعان وادا اجتمعا فهي هذه الكارثة العظمى ..

وفي يناير 1996 تم تأسيس مؤسسة الوردة الرملية لاستقبال الأطفال المعاقين من طرف طبيبة فرنسية تدعى بالسيدة بصير بمدينة اكادير حيث اعتقد ان هذه المؤسسة تعد الأولى على صعيد جهة سوس ماسة درعة كما تسمى في ذلك الحين علما ان جهة سوس كانت مهمشة في ميدان الإعاقة وفي ميادين أخرى كما يعلم الجميع وقتها بشكل فضيع و صريح ..

وكنت اول طفل يدخل الى هذه المؤسسة التاريخية بالنسبة لي على اقل في أواخر يناير 1996 الى يوليوز 1999 تاريخ اغلاقها لاسباب تتعلق بتهميش جهتنا التاريخية في هذا الميدان حسب رايي الان..

و بالإضافة الى مرض السيدة بصير و هذا ما يمكن قوله باختصار شديد مع الإشارة انني سافرت الى فرنسا مع معلمي في اللغة العربية السيد الصمدي قصد التكوين بإحدى المراكز في يونيو 1999 ….

وفي أكتوبر 1999 تحملت جمعية اباء و أصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيا بسوس مسؤوليتنا فاسست مركز وردة الجنوب بحي الخيام في بيت صغير للغاية حيث كنت بالضبط غارقا في مشاكلي العميقة ما اسميه بايديولوجية التخلف القروي كموضوع طويل لا يسمح هذا المقام لشرحه حيث كنت تحدثت باسهاب عن هذا الموضوع في كتابي الأول ..

وكان الوالد يقول لي وقتها ان القراءة هي وسيلتك الوحيدة للنجاح و التقدم منذ 24 سنة قد خلت .

وفي شتنبر 2000 انتقل مركز وردة الجنوب الى الفيلا بحي الداخلة حيث استمرت اذهب الى هذا المركز الى حدود صيف 2004 ..

اما مساري في القراءة و الكتابة فهو مسار طويل قد استغرق سنوات طويلة من تعلم قواعد اللغة العربية بمساعدة افراد العائلة و داخل المركز حتى نشرت اول مقال لي في موقع الحوار المتمدن في يوم 31 أكتوبر 2005 حول موضوع الامازيغية حسب افكاري الأولية آنذاك و بدات انشر بعض المقالات في جريدة تاويزا للأستاذ محمد بوذهان الله يشفيه .

في سنة 2010 بدات انشر مقالاتي المتواضعة حول فن الروايس و العرف الامازيغي الخ في جريدة الانبعاث بعدما قرات كتاب ألواح جزولة و التشريع الإسلامي للمرحوم امحمد العثماني و الذي وجدته في خزانة جدي الفقيه رحمه الله وادركت آنذاك ان العلمانية ليست دخيلة من فرنسا بل هي اصيلة في مجتمعنا الامازيغي المتدين حتى النخاع بمعنى انني منذ ذلك الحين كنت استعمل مصطلح العلمانية الاصيلة في مقالاتي و في كتابي الحالي لاظهار ان بعض الخطابات السائدة حاليا في سوس العالمة ليس لها أي أساس تاريخي بحكم ان اجدادنا الامازيغيين قد استقلوا عن الخلافة المسماة بالاسلامية منذ سنة 740 ميلادية الى حدود سنة 1956 ميلادية .

وفي صيف 2013 بدات اكتب كتابي الحالي تحت عناوين مختلفة حيث ان قصة هذا الكتاب هي طويلة لا داعي للدخول في تفاصيلها لكن عندما فقدت الامل في طبع هذا الكتاب بعد الوعود في يناير 2021 عبر الايميل قال لي الوالد في رمضان الموافق لسنة 2022 عليك مراجعة كتابي من ناحية المضامين و الأفكار فقلت في نفسي لماذا لا اجرب حظي مع دور النشر فاتصلت بدار نشر بالدار البيضاء حيث قالت لي انها لا تطبع مثل هذه الكتب واتصلت بدار افريقيا الشرق فكانت الضربة الموفقة حيث جاءني الرد منها في يوليوز 2022 انها ستطبع كتابي وأخيرا بعد سنوات من الانتظار سيصدر كتابي بالمعرض الدولي للكتاب و النشر بالرباط في يونيو 2023 بحضور عائلتي الكريمة والأستاذ لحسن اشبان باعتباره صديق العائلة والأستاذ احمد الخنبوبي و الأستاذ محمد مستاوي ..

و اظن ان مساري المتواضع هو مسار ضد أيديولوجية التخلف القروي منذ 24 سنة و ضد الوهابية التي تسعى الان لتحطيم هويتنا الامازيغية الإسلامية لسوس العالمة منذ قرون قد خلت من الموازنة بين الدين و الدنيا و بين العرف الامازيغي و الشرع الإسلامي.”

و السلام عليكم